قبل عشرات السنين على وقت أجدادنا كانت هناك قصص مؤثرة تدلل على حصافة الرجال وحكمتهم، فلم تغلب العاطفة لديهم على المواقف التي عاشوها ولا على الأحكام التي اتخذوها، أذكر أن إحدى تلك القصص كانت عن رجل حكيم رغم أميته، يوم أن استقبل ابنته باكية شاكية من زوجها وقالت كلاما ممزوجا بدمع يعقوب لا بدموع إخوة يوسف، وبعد أن استمع إلى شكواها أدرك أن زوجها قد أخطأ في حقها، لكنه بحكمة الرجال ورجاحة عقول شيوخ العرب قال: صحيح أنت ابنتي وأصدقك لكن الله يأمر بالعدل فلا بد من أن أسمع من زوجك امتثالا لأمر الله.
حين تفتح أذنا فعليك أن تفتح الأخرى إذا أردت أن تكون عادلا، وحين تفتح عينا فعليك أن تغلق الأخرى إذا أردت أن تكون حكيما. وبعد أن استمع إلى الزوج تأكد له أن الزوج قد وقع في الخطأ، ولأنه يحب ابنته قال لها يا ابنتي أنت أخطأت في حق زوجك، اذهبي وكفري عن أخطائك، أخذت دموعها تتقاطر بينما أخذ العرق يتقاطر خجلا من أنامل الزوج الذي شعر بقيمة عمه وإنسانيته ورقيه، فاستحى من نفسه وأكرم ابنة هذا الرجل الوفي.
لقد أدرك بحنكة الرجال وخبرتهم وبحكمة الشيوخ ووقارهم أن هناك أسسا مهمة واستقراءات مثالية تسهم في حل المعضلات وتضيق الخناق على أبالسة التفريق.
ذلكم الرجل الأمي عندما نظر إلى ابنته استند إلى قول الشاعر:
فقسى ليزدجروا ومن يك حازما = فليقس أحيانا على من يرحم
وعندما نظر إلى زوج ابنته الذي أخطأ في حقها استند إلى قول الشاعر:
ليس الغبي بسيد في قومه = لكن سيد قومه ... المتغابي
الرجل الحكيم أفقد ابنته الثقة في البقاء قريبا منه ،وأوحى لها أن ليس ثمة مكان أصون للمرأة وأحفظ مثل بيت الزوج لو طال الزمن، وأن الزوجة تتحمل إصلاح الخلاف وهي أقدر من الرجال على إيجاد الحل، ولما قيل له في ذلك (كيف تقسو على ابنتك وزوجها المخطئ ؟) قال: أنا أعرف بالنتائج !!. وفعلا استعانت الزوجة بالصبر والمجاهدة حتى استقامت حياة الزوجين وعاشا في سعادة ورغد.
هكذا كان الرجال الحكماء يفكرون ويقرؤون المستقبل وكأنهم متخصصون في علم النفس. إنها لغة الوقار والتروي وليست لغة العادات والتهور.
فقد يسهم الأب أحيانا في توسيع الفجوة، وسماع ما لا يود سماعه من بعض الصفات المخجلة بين الطرفين.
سمعت هذه القصة من أحد الثقاة فأدركت كم نقع في ظلم رجال مضى عصرهم ونحن نظن أنهم بالأمية لن يدركوا مواطن النجاح والإصلاح، فكانوا موفقين أكثر من أولئك الذين غرقوا في العواطف والماديات، ومالوا إلى صف بناتهم وأعقبوهن حسرة وندامة لن يدركوها إلا مع تعاقب الزمن.
nrshdan@gmail .com
حين تفتح أذنا فعليك أن تفتح الأخرى إذا أردت أن تكون عادلا، وحين تفتح عينا فعليك أن تغلق الأخرى إذا أردت أن تكون حكيما. وبعد أن استمع إلى الزوج تأكد له أن الزوج قد وقع في الخطأ، ولأنه يحب ابنته قال لها يا ابنتي أنت أخطأت في حق زوجك، اذهبي وكفري عن أخطائك، أخذت دموعها تتقاطر بينما أخذ العرق يتقاطر خجلا من أنامل الزوج الذي شعر بقيمة عمه وإنسانيته ورقيه، فاستحى من نفسه وأكرم ابنة هذا الرجل الوفي.
لقد أدرك بحنكة الرجال وخبرتهم وبحكمة الشيوخ ووقارهم أن هناك أسسا مهمة واستقراءات مثالية تسهم في حل المعضلات وتضيق الخناق على أبالسة التفريق.
ذلكم الرجل الأمي عندما نظر إلى ابنته استند إلى قول الشاعر:
فقسى ليزدجروا ومن يك حازما = فليقس أحيانا على من يرحم
وعندما نظر إلى زوج ابنته الذي أخطأ في حقها استند إلى قول الشاعر:
ليس الغبي بسيد في قومه = لكن سيد قومه ... المتغابي
الرجل الحكيم أفقد ابنته الثقة في البقاء قريبا منه ،وأوحى لها أن ليس ثمة مكان أصون للمرأة وأحفظ مثل بيت الزوج لو طال الزمن، وأن الزوجة تتحمل إصلاح الخلاف وهي أقدر من الرجال على إيجاد الحل، ولما قيل له في ذلك (كيف تقسو على ابنتك وزوجها المخطئ ؟) قال: أنا أعرف بالنتائج !!. وفعلا استعانت الزوجة بالصبر والمجاهدة حتى استقامت حياة الزوجين وعاشا في سعادة ورغد.
هكذا كان الرجال الحكماء يفكرون ويقرؤون المستقبل وكأنهم متخصصون في علم النفس. إنها لغة الوقار والتروي وليست لغة العادات والتهور.
فقد يسهم الأب أحيانا في توسيع الفجوة، وسماع ما لا يود سماعه من بعض الصفات المخجلة بين الطرفين.
سمعت هذه القصة من أحد الثقاة فأدركت كم نقع في ظلم رجال مضى عصرهم ونحن نظن أنهم بالأمية لن يدركوا مواطن النجاح والإصلاح، فكانوا موفقين أكثر من أولئك الذين غرقوا في العواطف والماديات، ومالوا إلى صف بناتهم وأعقبوهن حسرة وندامة لن يدركوها إلا مع تعاقب الزمن.
nrshdan@gmail .com